د. أسامة أحمد المصطفى

عندما يتعلق الأمر بحقوق الإنسان والديمقراطية وحماية الحريات المدنية في البلدان يشرق وجه الولايات المتحدة الامريكية ويطل في ابهي درجات الاشراق وذلك بشبه الإجماع الذي تحلي به الحزبان الكبيران الجمهوري والديمقراطي في شأن السودان في جلسة ٩ ديسمبر ٢٠٢١ للكونجرس الأمريكي الذي قدم مشروع قانون عقوبات السودان توبيخًا للعسكريين . حيث يشير التشريع المكون من الحزبين في الكونجرس إلى أن الديمقراطيين والجمهوريين يتعاملون إلى حد سواء بدرجة كبير مع إدارة بايدن في هذا الامر ، ويمكن للعقوبات أن توفر للبيت الأبيض نفوذاً إضافياً على الجيش السوداني.

ان إقرار هذه التشريعات يمكن أن تعاقب المسؤولين العسكريين السودانيين ويدين الاستيلاء الأخير على السلطة ، وقد سنً هذا التشريع لمعاقبة أي شخص يقوض “الانتقال إلى الديمقراطية في السودان” إلى جانب قرار يدين الانقلاب العسكري في ٢٥ أكتوبر كما تم تسميته من لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب التي قدمت مشروعي القانونين عن طريق التصويت دون اعتراض واحد من أي عضو. وقد كان حديث غريغوري ميكس رئيس مجلس النواب للشؤون الخارجية واضحا وصريحا حيث قال ” من المحاسن العالية ان ثمة اهتمام قوي من الجميع في الكونجرس في (مجلس النواب ومجلس الشيوخ ) لضمان أن تلعب الولايات المتحدة دورًا مثمرًا في مساعدة السودان على تحقيق انتقال ديمقراطي بقيادة مدنية. و قد كانت نبرته حادة وجادة حيث قال ٫ بينما توصل القادة العسكريون والمدنيون في السودان إلى اتفاق الشهر الماضي واستأنف التحول الديمقراطي ، ( اسمحوا لي أن أكون واضحًا: (ان أولئك الذين يسعون لتقويض انتقال السودان إلى الديمقراطية وانتهاك حقوق الإنسان واستغلال هذه العملية السياسية الحساسة سيحاسبون أفراد ثم جماعات كل حسب درجات تورطه) .

ان قانون الديمقراطية في السودان ، الذي قدمه عضو الحزب الجمهوري يونغ كيم ، من شأنه أن يمنع ممتلكات أي شخص يتدخل في التحول الديمقراطي في السودان ، أو يهدد استقراره ، أو يقيد حرية التعبير أو الوصول إلى وسائل الإعلام ، أو ينخرط في الاعتقالات التعسفية أو التعذيب ، أو يختلس أموال الدولة السودانية. كما قدم عضو الحزب الديمقراطي كريس كونز تشريعات عقوبات مماثلة في مجلس الشيوخ وقدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية بوب مينينديز قرارًا مماثلًا يدين الانقلاب في مجلس الشيوخ أيضًا ، والجدير بالذكر ان مشروع هذا القانون يحتوي على تحذير من شأنه أن يسمح للرئيس جو بايدن بالتنازل عن العقوبات إذا رأى أن ذلك في مصلحة الولايات المتحدة. وفي سياق متصل نجد ان القرار الذي يدين الانقلاب ، الذي قدمه السيد ميكس ، يعترف برئيس الوزراء عبد الله حمدوك وحكومته “كقادة دستوريين للحكومة الانتقالية في السودان” وعليه دعت الولايات المتحدة الجيش السوداني إلى “الإفراج الفوري عن جميع المسؤولين الحكوميين المدنيين” العودة إلى الحكم الدستوري بموجب الوثيقة الدستورية التي تسيير الفترة الانتقالية كنقطة انطلاق للتفاوض مع المدنيين من أجل حكم مدني كامل كما دعا وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن الجيش إلى رفع حالة الطوارئ والإفراج عن السجناء السياسيين. وقال مايك ماكول ، كبير الجمهوريين في لجنة الشؤون الخارجية ، خلال التصويت: “اعتقل الجيش قادة مدنيين وقطع الإنترنت وأعلن حالة الطوارئ” ولكن “الشعب السوداني يقف بقوة … ويواصل المخاطرة بحياته للاحتجاج السلمي والمطالبة بالديمقراطية وقال عضو الحزب الديمقراطي كريس كونز هذا الشعب يستحق الديمقراطية ولن نتركه لوحده . ووفقا على ما سبق والحديث عن النزاعات التي ترتكب فيها جرائم على يد عسكريين، يحتج المرؤوسون بأنهم كانوا ينفذون الأوامر ليس إلا، عندما ارتكبوا أفعالا معينة مخالفة للقانون لا يتساءل المرؤوسون، في الأغلب الأعم، عن شرعية الأمر الذي يتلقونه، فهناك افتراض ضمني مسبق مفاده أن الرؤساء في وضع أفضل لتحديد “الصواب من الخطأ” أثناء سير العمليات العدائية. ولكن في أحوال أخرى، وعندما يتجاوز الأمر الصادر المسموح به قانونا، يجد المرؤوس نفسه أمام الاختيار بين عدم طاعة الأمر، واحتمال مواجهة التوبيخ والعقاب من الرئيس أوعلى يد محكمة عسكرية؛ أو طاعة الأمر، والتعرض لخطر العقوبة الجنائية بتنفيذ أمر ذي عواقب غير شرعية وكلما كان المرؤوس في وضع أدنى في الهرم الوظيفي، شق عليه مخالفة أمر غير قانوني ويثير هذا الوضع معضلة على الصعيدين ،يبقي السؤال هل تشريعات معاقبة المسؤولين العسكريين الامريكية ياتي في سياق قد يجرم القادة ويعفي المرؤوسون؟