سياسةملفات

السودان .. لا يزال النفق مظلم والمنعطفات بداخله حادة.

د. أسامة احمد المصطفى

  • حركة اليقظة الوطنية الديموقراطية شريان الحياة .
  • وعي الشباب هو بصيص الأمل بل كل الانارة.
  • الديمقراطية مشاكل الانتقال وصعوبات المشاركة. إن أصل الحديث عن الديمقراطية ووجودها، في المجتمع السوداني مثل ما هو الحال في المجتمعات كافة ، هو تأسيس الشرعية، وتعني الشرعية الديمقراطية انبثاق السلطة عن إدارة الجماعة الوطنية عامة، باعتبار أن ذلك هو القاعدة الشكلية لتأمين جوهر هو الأهم ، أعني اتفاق قيم ومعايير السلطة وممارستها مع قيم ومعايير المجتمعات التي تخضع لها .

وبهذا المعنى فأن الشرعية تؤلف الضمانة كي لا تكون السلطة غريبة على المجتمع أو خارجة عنه في أهدافها وغاياتها وسبل ممارستها والقيم التي تدافع عنها، أي هي ضمانة الانسجام والتوافق بينهما ، ومن ثم مصدر الاستمرارية والتداول السلمي للحكم ، ومصدر وجود الدولة ، وقد كان تعميم هذا النمط الحديث من الشرعية السياسية السمة البارزة للعصر الراهن في العالم أجمع، وهو أكبر ثورة شهدها عالم السياسة الإنساني، منذ أن تكونت الدول وقامت الجماعات الوطنية والمدنية.

وفي السودان كما في غيره من البلدان دخلت مفاهيم التعددية ونماذجها عن طريق التعميم والتعلم والتأثر الطبيعي للمجتمعات بالمجتمعات السابقة في هذا الميدان، وكانت النماذج الأولى لممارسة الديمقراطية في الأقطار العربية والأفريقية والسودان ضمنها متأثرة إلى حد كبير بالعقيدة الليبرالية الكلاسيكية من جهة ، و بالتوازنات التي أقامتها السلطات الأولى المباشرة أو غير المباشرة ، من جهة ثانية، و لضيق أفق من تبنى هذه النظم البرلمانية والتعددية السياسي والاجتماعي في السودان ، وغياب الأرضية الاجتماعية والفكرية القوية لها ، تحولت بسرعة الى واجهات شكلية تضم نخبة شبه أرستقراطية تتداول السلطة بين أعضائها ولا تتيح ( إلا نادراً ) توسيع قاعدة الممارسة السياسية الشعبية .

لقد ساهمت هذه النسخة الأولى من الديمقراطية بمعنى التعددية البسيط ، في تمديد أجل البنيان السياسي السوداني التقليدي الذي تشكل الوجاهة المحلية قاعدته الرئيسية ، ولهذا السبب ومع نمو الطبقات الوسطى بسرعة بعد الاستقلال، سواء بسبب تطور التعليم السريع أو بسبب تطور التوظيف العمومي والمؤسسات العسكرية والمدنية التابعة للدولة ، وما ولده توزيع المداخيل الجديدة من إحياء للسوق التجارية، المحلية وشبة الصناعية أو الحرفية، لم تستطيع هذه الديمقراطية الأولى أن تقاوم طويلا، وتهاوت بسرعة بالغة تحت ضربات القوى الاجتماعية الجديدة التي سلمت دون تردد ( مقاليد أمورها ) الجيش والنخبة العسكرية عموماً، ونشأت على أثر ذلك نظام الحزب الواحد الصريح في السودان ، والمغطى بواجهة شكلية امتصت حتى مكسب التعددية الفعلي ، فلم يتأثر بقوة بالمد التقدمي والثوري الذي طبع العقود التالية للاستقلال .

ولم يكن هذا التطور الجديد الذي اتخذ طابع إعادة البناء السياسي على أسس جديدة تطوراً غير جماهيري أو معاديا للجماهير، كما نميل إلى التصور اليوم،ولكنه كان بالعكس مصدر شعبية كبيرة للنظم السياسية الجديدة، لقد سقط نموذج التعددية الليبرالية في السودان ، وفي كل الفترات الديمقراطية الثلاث دون استثناء , في موجة عارمة من التأييد والفرحة والأمل بانفتاح عصر جديد.

وبدت هذه التعددية للأغلبية الساحقة من النخبة الاجتماعية لذلك العهد، وكانت بحق قاعدة لإعادة إنتاج سلطة محافظة من الناحية الاجتماعية عصبوية من الناحية السياسية معتمدة على زعامات الأحياء والقرى والعشائر والوجاهات المتنافسة أو المتصارعة والمنطوية في رؤيتها السياسية وممارستها على حقول نفوذها المحلية دون أدنى نظرة وطنية شمولية, وعاجزة كلياً تجاه الخارج بل مرتبطة بالنفوذ الأجنبي.

عليه ظهرت في المقابل, فكرة النظام الواحد والحركة الثورية التي لا تحترم التعددية في عيون عموم الشعب على أنها الوسيلة لكسر هذه الحلقة المفرغة المعوقة للتقدم والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقومي. وما ساعد على ذلك ارتباط هذه الصورة نفسها بتجارب البلدان الاشتراكية والشيوعية التي كانت تبدو نموذجا حيا لنجاح تجربة التنمية عن طريق الدولة وخارج أطر البناء التعددي التقليدي.

لكن انهيار المشروع التقدمي السوداني في مرحلة ثانية ، بسبب عدم قدرته على توفير وسائل الحماية الخارجية ما فيه الكفاية ، وفشل الإقلاع الصناعي، وتعثر الاندماج القومي وما رافق ذلك بالضرورة من تراجع في بنية السلطة الوطنية وتقاليدها، أدي إلى إفقاد النظام السياسي الواحد الذي ارتبطت به صديقته وشرعية وجوده ، فقد تغيرت نظرة الناس إليه وإلى وسائل تنظيم السلطة والحكم.

وبقدر ما كان هذا النظام يعبر عند الغالبية العظمي عن الإدارة الشابة الوطنية والقومية الحية والمنفتحة للتغيير و التجديد تحول بسرعة إلى رمز الانحطاط والفساد. وبقدر ما كانت تقنيات الحزب الواحد تشير إلى الفاعلية والإنجاز أصبحت تركز في العنف المفتقر إلى أي معنى وإلى اغتصاب السلطة، ورفض المشاركة والتداول الطبيعي لها مع بقية أبناء الشعب.

وتجسد هذا التحول في التوجهات الاجتماعية العميقة في تغيير عام في المناخ العقائدي السوداني منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وقد بدأت الردة على الفكر الشمولي تتخذ طابعا أكثر عنفا وقوة منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي أيضا التي شهدت عودة قوية لقيم الفكر الديمقراطي عبرت عنها الكتابات والندوات واللقاءات السياسية, كما جسدتها الأزمة العميقة والقاتلة التي بدأت تعيشها الأحزاب السياسية عموما وأحزاب اليسار خصوصاً.

ولن يتأخر الواقع الاجتماعي عن التعبير عن هذا التحول العميق في السوداني السياسي العام فبعد سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي كانت بمثابة الردود العفوية على الأزمة الاقتصادية وتفاقم سوء الأحوال المعيشية ، أخذت الفكرة الديمقراطية تفرض نفسها من جديد على الرأي العام الرسمي و الشعبي ، وكان من نتيجة تفاعل النقلة الفكرية الجديدة مع حركات الاحتجاج الشعبي ، وكان من نتيجة تفاعل النقلة الفكرية الجديدة مع حركات الاحتجاج الاجتماعية والدينية أن شهد السودان اولى حلقات انكسار النظام المطلق , ودخول الوطن عصر الانتقال نحو الديمقراطية .

ولم يرتبط صعود مطالب الديمقراطية والتعددية في المجتمع السوداني ، كما هو شائع اليوم بتفجر ما يمكن أن نسميه بحق ثورة الديمقراطية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي ولكنه ارتبط كما هي الحال في هذه المنطقة الشيوعية التي عاشت وضعيات مشابهة بإخفاق مماثل للسياسات والنخب السابقة ، ولم يتأخر المجتمع السوداني عن بقية بلدان العالم الثالث في حركة نمو الوعي الديمقراطي والتغيير، على الرغم من الظروف الخاصة والصعبة التي لا تزال تعيشها على صعيد الأمن القومي وترتيب التوازنات الاقليمية المعقدة.

وليس المقصود من ذلك التقليل من قيمة التحولات الراهنة ووزنها في الكتلة الشرقية و تأثيراتها العميقة في مستقبل التحولات السياسية والاجتماعية في السودان ، وإنما تحديد الحوافز العميقة والحقيقية لمطالب التغيير الديمقراطي في المجتمع السوداني قبل الحديث عن التأثيرات الخارجية والتفاعلات الدولية التي قد تكون حاسمة أحيانا في تقرير مصير التحولات الداخلية .

في الواقع ، البحث عن هذه الدوافع العميقة هو الذي يمكن أن يحدد لنا ما تعنيه الجماعات والشعوب بالشعارات التي ترفعها في هذه الثورة الشبابية الهائلة. على عكس ما توحي به الملاحظة السطحية ، فإن الحديث عن الديمقراطية لا يعني بالضرورة أن هناك مفهومًا مشتركًا لما تعنيه لجميع الأشخاص الذين يقولون ذلك ، ولا يعني أن هناك إجماعًا واتفاقًا على برنامج محدد للإصلاحات أو التغييرات التي يمكن أن نسميها “ديمقراطية.” قد تشير الكلمة إلى دلالات مختلفة وتعكس اتجاهات وتطلعات مختلفة ، فالنفق لا يزال مظلمًا والمنعطفات بداخله حادة ، وملامح الديمقراطية تشوبها مشاكل الانتقال وصعوبات المشاركة ، لكن من المؤكد أن ستكون حركة اليقظة الوطنية الديمقراطية ستكون شريان الحياة ، بينما سيكون وعي الشباب هو بصيص الأمل ، بل في الحقيقة كل النور.

  • حركة اليقظة الوطنية الديموقراطية شريان الحياة .
  • وعي الشباب هو بصيص الأمل بل كل الانارة.
  • الديمقراطية مشاكل الانتقال وصعوبات المشاركة. إن أصل الحديث عن الديمقراطية ووجودها، في المجتمع السوداني مثل ما هو الحال في المجتمعات كافة ، هو تأسيس الشرعية، وتعني الشرعية الديمقراطية انبثاق السلطة عن إدارة الجماعة الوطنية عامة، باعتبار أن ذلك هو القاعدة الشكلية لتأمين جوهر هو الأهم ، أعني اتفاق قيم ومعايير السلطة وممارستها مع قيم ومعايير المجتمعات التي تخضع لها .

وبهذا المعنى فأن الشرعية تؤلف الضمانة كي لا تكون السلطة غريبة على المجتمع أو خارجة عنه في أهدافها وغاياتها وسبل ممارستها والقيم التي تدافع عنها، أي هي ضمانة الانسجام والتوافق بينهما ، ومن ثم مصدر الاستمرارية والتداول السلمي للحكم ، ومصدر وجود الدولة ، وقد كان تعميم هذا النمط الحديث من الشرعية السياسية السمة البارزة للعصر الراهن في العالم أجمع، وهو أكبر ثورة شهدها عالم السياسة الإنساني، منذ أن تكونت الدول وقامت الجماعات الوطنية والمدنية.

وفي السودان كما في غيره من البلدان دخلت مفاهيم التعددية ونماذجها عن طريق التعميم والتعلم والتأثر الطبيعي للمجتمعات بالمجتمعات السابقة في هذا الميدان، وكانت النماذج الأولى لممارسة الديمقراطية في الأقطار العربية والأفريقية والسودان ضمنها متأثرة إلى حد كبير بالعقيدة الليبرالية الكلاسيكية من جهة ، و بالتوازنات التي أقامتها السلطات الأولى المباشرة أو غير المباشرة ، من جهة ثانية، و لضيق أفق من تبنى هذه النظم البرلمانية والتعددية السياسي والاجتماعي في السودان ، وغياب الأرضية الاجتماعية والفكرية القوية لها ، تحولت بسرعة الى واجهات شكلية تضم نخبة شبه أرستقراطية تتداول السلطة بين أعضائها ولا تتيح ( إلا نادراً ) توسيع قاعدة الممارسة السياسية الشعبية .

لقد ساهمت هذه النسخة الأولى من الديمقراطية بمعنى التعددية البسيط ، في تمديد أجل البنيان السياسي السوداني التقليدي الذي تشكل الوجاهة المحلية قاعدته الرئيسية ، ولهذا السبب ومع نمو الطبقات الوسطى بسرعة بعد الاستقلال، سواء بسبب تطور التعليم السريع أو بسبب تطور التوظيف العمومي والمؤسسات العسكرية والمدنية التابعة للدولة ، وما ولده توزيع المداخيل الجديدة من إحياء للسوق التجارية، المحلية وشبة الصناعية أو الحرفية، لم تستطيع هذه الديمقراطية الأولى أن تقاوم طويلا، وتهاوت بسرعة بالغة تحت ضربات القوى الاجتماعية الجديدة التي سلمت دون تردد ( مقاليد أمورها ) الجيش والنخبة العسكرية عموماً، ونشأت على أثر ذلك نظام الحزب الواحد الصريح في السودان ، والمغطى بواجهة شكلية امتصت حتى مكسب التعددية الفعلي ، فلم يتأثر بقوة بالمد التقدمي والثوري الذي طبع العقود التالية للاستقلال .

ولم يكن هذا التطور الجديد الذي اتخذ طابع إعادة البناء السياسي على أسس جديدة تطوراً غير جماهيري أو معاديا للجماهير، كما نميل إلى التصور اليوم،ولكنه كان بالعكس مصدر شعبية كبيرة للنظم السياسية الجديدة، لقد سقط نموذج التعددية الليبرالية في السودان ، وفي كل الفترات الديمقراطية الثلاث دون استثناء , في موجة عارمة من التأييد والفرحة والأمل بانفتاح عصر جديد.

وبدت هذه التعددية للأغلبية الساحقة من النخبة الاجتماعية لذلك العهد، وكانت بحق قاعدة لإعادة إنتاج سلطة محافظة من الناحية الاجتماعية عصبوية من الناحية السياسية معتمدة على زعامات الأحياء والقرى والعشائر والوجاهات المتنافسة أو المتصارعة والمنطوية في رؤيتها السياسية وممارستها على حقول نفوذها المحلية دون أدنى نظرة وطنية شمولية, وعاجزة كلياً تجاه الخارج بل مرتبطة بالنفوذ الأجنبي.

عليه ظهرت في المقابل, فكرة النظام الواحد والحركة الثورية التي لا تحترم التعددية في عيون عموم الشعب على أنها الوسيلة لكسر هذه الحلقة المفرغة المعوقة للتقدم والتطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي والقومي. وما ساعد على ذلك ارتباط هذه الصورة نفسها بتجارب البلدان الاشتراكية والشيوعية التي كانت تبدو نموذجا حيا لنجاح تجربة التنمية عن طريق الدولة وخارج أطر البناء التعددي التقليدي.

لكن انهيار المشروع التقدمي السوداني في مرحلة ثانية ، بسبب عدم قدرته على توفير وسائل الحماية الخارجية ما فيه الكفاية ، وفشل الإقلاع الصناعي، وتعثر الاندماج القومي وما رافق ذلك بالضرورة من تراجع في بنية السلطة الوطنية وتقاليدها، أدي إلى إفقاد النظام السياسي الواحد الذي ارتبطت به صديقته وشرعية وجوده ، فقد تغيرت نظرة الناس إليه وإلى وسائل تنظيم السلطة والحكم.

وبقدر ما كان هذا النظام يعبر عند الغالبية العظمي عن الإدارة الشابة الوطنية والقومية الحية والمنفتحة للتغيير و التجديد تحول بسرعة إلى رمز الانحطاط والفساد. وبقدر ما كانت تقنيات الحزب الواحد تشير إلى الفاعلية والإنجاز أصبحت تركز في العنف المفتقر إلى أي معنى وإلى اغتصاب السلطة، ورفض المشاركة والتداول الطبيعي لها مع بقية أبناء الشعب.

وتجسد هذا التحول في التوجهات الاجتماعية العميقة في تغيير عام في المناخ العقائدي السوداني منذ نهاية السبعينيات من القرن الماضي، وقد بدأت الردة على الفكر الشمولي تتخذ طابعا أكثر عنفا وقوة منذ بداية الثمانينيات من القرن الماضي أيضا التي شهدت عودة قوية لقيم الفكر الديمقراطي عبرت عنها الكتابات والندوات واللقاءات السياسية, كما جسدتها الأزمة العميقة والقاتلة التي بدأت تعيشها الأحزاب السياسية عموما وأحزاب اليسار خصوصاً.

ولن يتأخر الواقع الاجتماعي عن التعبير عن هذا التحول العميق في السوداني السياسي العام فبعد سلسلة من الانتفاضات الشعبية التي كانت بمثابة الردود العفوية على الأزمة الاقتصادية وتفاقم سوء الأحوال المعيشية ، أخذت الفكرة الديمقراطية تفرض نفسها من جديد على الرأي العام الرسمي و الشعبي ، وكان من نتيجة تفاعل النقلة الفكرية الجديدة مع حركات الاحتجاج الشعبي ، وكان من نتيجة تفاعل النقلة الفكرية الجديدة مع حركات الاحتجاج الاجتماعية والدينية أن شهد السودان اولى حلقات انكسار النظام المطلق , ودخول الوطن عصر الانتقال نحو الديمقراطية .

ولم يرتبط صعود مطالب الديمقراطية والتعددية في المجتمع السوداني ، كما هو شائع اليوم بتفجر ما يمكن أن نسميه بحق ثورة الديمقراطية في أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي ولكنه ارتبط كما هي الحال في هذه المنطقة الشيوعية التي عاشت وضعيات مشابهة بإخفاق مماثل للسياسات والنخب السابقة ، ولم يتأخر المجتمع السوداني عن بقية بلدان العالم الثالث في حركة نمو الوعي الديمقراطي والتغيير، على الرغم من الظروف الخاصة والصعبة التي لا تزال تعيشها على صعيد الأمن القومي وترتيب التوازنات الاقليمية المعقدة.

وليس المقصود من ذلك التقليل من قيمة التحولات الراهنة ووزنها في الكتلة الشرقية و تأثيراتها العميقة في مستقبل التحولات السياسية والاجتماعية في السودان ، وإنما تحديد الحوافز العميقة والحقيقية لمطالب التغيير الديمقراطي في المجتمع السوداني قبل الحديث عن التأثيرات الخارجية والتفاعلات الدولية التي قد تكون حاسمة أحيانا في تقرير مصير التحولات الداخلية .

في الواقع ، البحث عن هذه الدوافع العميقة هو الذي يمكن أن يحدد لنا ما تعنيه الجماعات والشعوب بالشعارات التي ترفعها في هذه الثورة الشبابية الهائلة. على عكس ما توحي به الملاحظة السطحية ، فإن الحديث عن الديمقراطية لا يعني بالضرورة أن هناك مفهومًا مشتركًا لما تعنيه لجميع الأشخاص الذين يقولون ذلك ، ولا يعني أن هناك إجماعًا واتفاقًا على برنامج محدد للإصلاحات أو التغييرات التي يمكن أن نسميها “ديمقراطية.” قد تشير الكلمة إلى دلالات مختلفة وتعكس اتجاهات وتطلعات مختلفة ، فالنفق لا يزال مظلمًا والمنعطفات بداخله حادة ، وملامح الديمقراطية تشوبها مشاكل الانتقال وصعوبات المشاركة ، لكن من المؤكد أن ستكون حركة اليقظة الوطنية الديمقراطية ستكون شريان الحياة ، بينما سيكون وعي الشباب هو بصيص الأمل ، بل في الحقيقة كل النور.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى