سياسةملفات

السودان .. كرة الثلج تتدحرج نحو الفصل السابع

د. اسامة احمد المصطفى – واشنطن

*الحشدالأمريكي لأصدقاء السودان ،وما وراء الأكمة .
*الخروج من حالة الضياع الإنساني والمعنوي ضرورة قصوى.
*المطلب،جرأة تًجلي الصورة للأجيال وإلا ضاعت الديمقراطية .
*البرهان .. يا برهان “جنوب إفريقيا ،يوغوسلافيا،القذافي والأزمة الليبية”

إذا كانت الثورة من منظور التحليل النفسي هي انتصار عامل الغضب في النفوس على عامل الخوف من قوة وإرهاب السلطان، وكفعل إنساني من المفترض هي عملية هدم الوضع الظالم والفاسد والفاشل، فإن شعار مرحلة ما بعده هو بناء وضع جديد يلبي حاجات وتطلعات الأمة والشعب للحياة الكريمة. فهل ما يحدث في السودان يبشر بذلك خاصة بعد الحشد الذي الأمريكي اصدقاء. السودان في جلسة استجواب مجلس الشيوخ للجنة العلاقات الخارجية بالقسم الافريقي بوزارة الخارجية الامريكية وما علاقة ذلك بالفصل السابع من قانون الأمم المتحدة .

كثيراً ما يتناهى إلى مسامعنا قول أحدهم إن هذا القرار أو ذاك ملزم لأنه صادر بموجب الفصل السابع ، هكذا قول ينمّ عن جهل القائل بألف باء القانون الدولي، فكل قرارات مجلس الأمن ملزمة، وقد نصت على إلزاميتها المادة 25 من ميثاق الأمم المتحدة: “يتعهد أعضاء الأمم المتحدة بقبول قرارات مجلس الأمن وتنفيذها وفق هذا الميثاق”

عليه فان قضية القرار الذي ربما ينوي مجلس الأمن اتخاذه لتكريس الاتفاق مع دول الترويكا والحشد الأميركي للدول التي سميت بالصديقة للسودان على خطة لتفكيك ترسانة الأسلحة والقوى العسكرية التي تمارس القتل في السودان و تريد قراراً صادراً بموجب الفصل السابع هو امر يجب ان لا يتم تجاهله من الذين في السلطة في السودان راهنا وعلى الشارع السوداني جميعه.

فقد بدأت كرة الثلج تتدحرج بسرعة نحو هذا الاتجاه خصوصا بعد جلسة الاستجواب الاخيرة من مجلس الشيوخ الامريكي للجنة العلاقات الخارجية بالقسم الافريقي بوزارة الخارجية الامريكية بعد ان كان قد نفذ من قبل الكونغرس قبل حوالي الثلاث أشهر من ثم احيل الى مرحلة مجلس الشيوخ

مجلس الشيوخ الامريكي

يمكن أن يكون هناك إشارة إلى الفصل السابع كعنصر من مجموعة إجراءات إذا تم رصد أمور مثل رفض التعاون وعدم تطبيق التعهدات أو إذا استمر قادة القوات العسكرية فرض السلاح والقتل العمد للمدنيين العزل فأنه إذا نصّ القرار المنتظر على إمكان استخدام القوة العسكرية في حالات معيّنة، فإنه يكون استند إلى الفصل السابع وبالتالي يمكن، من الناحية القانونية، تطبيق القوة تلقائياً في حال حدوث إحدى الحالات المذكورة. أما عملياً فإن التفاهمات الأميركية و دول الحشد هي التي ستتحكّم بتفسير القرار وتنفيذه.

إن جميع هذه القرارات التي قد تصدر ضمن الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة ستكون سارية المفعول تجاه السودان وحتما ستقضي علي قادة الجيش فردا فردا وإن آثارها سيعاني منها الشعب السوداني وبقاء السودان تحت طائلة هذه القرارات والعقوبات المفروضة بموجبها، سيعرقل النمو الاقتصادي والثقافي والاجتماعي والتكنولوجي وحتى العسكري ولا يستطيع ان يسترد عافيته وسيادته الكاملة إلا بعد التخلص من تبعات الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة وبشكل كامل، صحيح ان البعض من تلك القرارات ليست لها تأثير كبير

إلا أنها نافذة من الناحية القانونية وبإمكان الأمم المتحدة أن تلجأ إليها كلما دعت الحاجة الى ذلك وطبقا للمصالح الدولية في المنطقة وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية التي لها الدور الاكبر تنفيذها ، وأن إصدار هذه القرارات تأتي لحرير السودان من النظام الدكتاتوري الغاشم الحالي والممتد الذي لم يعترف بالشرعية الدولية وجلب للسودان كل هذه المآسي التي نشهدها اليوم

عليه من الضروري معرفة ان مواد ميثاق الأمم المتحدة تتوزّع على 19 فصلاً من ضمنها الفصلان السادس والسابع، كلا الفصلين المذكورين ينظمان صلاحيات مجلس الأمن في مجال حفظ السلم والأمن الدوليين. الفارق بينهما يظهر من عنوانها. بينما يأتي الفصل السادس (المواد 33 ـ 38) تحت عنوان “في حل المنازعات حلاً سلمياً” فإن الفصل السابع (المواد 39 ـ 51) يأتي تحت عنوان “في ما يُتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان”

توجب مواد الفصل السابع فهو يتضمن المواد التي تنظم عمل مجلس الأمن في حالة تهديد السلم أو الإخلال به وفي حالات العدوان، يمكن تقسيم إجراءات مجلس الأمن بموجب هذا الفصل إلى قسمين
الأول يتحدث عن دعوة المتنازعين إلى تنفيذ توصياته تحت طائلة اتخاذ تدابير لا تتطلب استخدام القوات المسلحة، ومن بينها وقف العلاقات الاقتصادية وجميع وسائل المواصلات والاتصالات وقفاً جزئياً أو كلياً وقطع العلاقات الدبلوماسية المادة 41

أما الثاني يتطرق إلى حالة عدم وفاء التدابير المذكورة بالغرض منها، وحينها يجوز له أن يستخدم القوات الجوية والبحرية والبرية لفرض حفظ السلم والأمن الدوليين، أي لتطبيق محتوى قراره (المادة 42). في هذه الحالة، يطلب من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أن تضع تحت تصرّفه ما يلزم من القوات المسلّحة والمساعدات والتسهيلات (المادة 43) أو يطلب من المنظمات والوكالات الإقليمية استخدام وسائل القمع لتنفيذ القرار وذلك تحت إشرافه (المادة 53 وتقع في الفصل الثامن)

في البداية كان مجلس الأمن ينظر إلى تهديد السلم والأمن الدوليين على أنه خطر يتأتى من أزمة تنشب بين دولتين أو أكثر. ولكنه، في ما بعد، راح يرى أن تهديداً مماثلاً يمكن أن تتسبّب به الأزمات الداخلية، وهذا ما يظهر في قراره المتخذ لمواجهة سياسية التمييز العنصري في جنوب إفريقيا عام 1977 وفي عشرات القرارات الصادرة، بموجب الفصل السابع، منذ العام 1991

حلف شمال الأطلسي

عندما نفّذ حلف شمال الأطلسي ضربات جوية على يوغوسلافيا، عام 1999، لردعها عن تطهير الأقلية الألبانية في كوسوفو، لم يصدر قرار بهذا الخصوص عن مجلس الأمن. لكن المشاركين اعتبروا أن عملهم يستند إلى القرارين 1199 و 1203 المتخذين سابقاً بموجب الفصل السابع. وعندما شنت أميركا، بمعاونة حلفائها، هجوماً على العراق عام 2003 دون صدور قرار من مجلس الأمن، اعتبر رئيس الوزراء البريطاني أن هذا العمل يستند إلى قرارات مجلس الأمن 678 (1990)، 687 (1991) و1441 (2002).

في 17 مارس 2011، أصدر مجلس الأمن القرار 1973 بخصوص الأزمة الليبية. فرض بموجبه حظراً جوياً لمنع طائرات القذافي من قصف المدنيين وسمح بتنفيذ هجمات مسلّحة ضد سلاح الجو الليبي لتعطيله. ونص القرار أيضاً على “اتخاذ كافة الخطوات الضرورية لحماية المدنيين، حتى لو تطلب الأمر تدخلاً عسكرياً”، وهدد القذافي بقصف قواته إن لم يلتزم بوقف إطلاق النار. على هذا القرار استندت الولايات المتحدة وحلفاؤها الأوربيون من أجل إسقاط نظام القذافي.

وضوح القرار حال دون أي تدخل روسي لحماية القذافي رغم أن روسيا كانت تريد أن ينسق الحلفاء معها أيّة خطة ، مسألة صدور القرار بموجب الفصل السابع تعني أن مجلس الأمن يشير إلى احتمال استخدام صلاحياته المنصوص عليها في الفصل المذكور ومنها تدابير قد تتطلب اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية كما أوضحنا أعلاه.

من الواضح ان القادة العسكريين في السودان يتجاهلون او يجهلون يستهترون بما يدور من تهيئة المجتمع الدولي لنصّ القرار المنتظر على إمكان استخدام القوة العسكرية في حالات معيّنة مثل حالة السودان الراهنة ، فإنه يكون استند إلى الفصل السابع وبالتالي يمكن من الناحية القانونية، تطبيق القوة تلقائياً في حال حدوث إحدى الحالات المذكورة.

ويبقى من المهم الخروج من حالة الضياع الإنساني والمعنوي التي يعيشها الشارع السوداني في ظل ضبابية المشهد، الذي وصل لمفهوم خواء المكان وتحديداته، كما يجب على الجميع إيجاد بوصلته من منظور عبقرية الثورة وليس لضياع الفكرة والمحتوى ، في غفلة من عمر الزمان الذي غاص فيه من غاص، وعاث فيه من عاث فساداً ضمنياً يتطلب جرأة تجلي الصورة للأجيال وإلا فسدت الديمقراطية . وفرضت سيطرة القوى الدولية .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى