سياسة

حميدتي .. بين مطرقة روسيا وسندان أوكرانيا ..غلطة الشاطر

د/ أسامة أحمد المصطفى – واشنطن

يقول المثل .. غلطة الشاطر بألف.. والمقصود بـ “الشاطر” هو الشخص المتمرس الذي يفترض أن يتعلم من تجاربه السابقة ومن تجارب الاخدين كيفية اتخاذ القرار الصحيح في اللحظة المناسبة ، بحكمة وعقلانية ، أو بشجاعة وجرأة، كما أن الشاطر هو من يحسن الأمور ، فيحسّنها ، دون انفعال ، ولا مبالغة ولا مغالاة ، ولا ينجذب إلى عواطفه، فهل تنطبق هذه الأمور على (حميدتي) عندما سافر إلى روسيا قبل هجومها على أوكرانيا بيوم واحد !؟ السودان بصورة عامة يمر بازمات متلاحقة منذ اكثر من خمس عقود من الزمن و وفي الراهن يمر بمرحلة من أخطر المراحل التاريخية التي ابتلى بها هذا الوطن الذي عاش فيه اجدادنا نعيش فيه هذه الأيام الضبابية .ثم اتت الطامة الكبرى التي قد تفقده الدعم الدولي والذي يمثل ثلثيها (حلف الناتو والولايات المتحدة )ودول الترويكا وجميع بلدان العالم ،التي وقفت مع الثورة السودانية ،وذلك بسبب السيد محمد حمدان دقلو (حميدتي) وبزيارته لروسيا ، حيث مارس دقلو شطارته بالسيطرة الظاهرة والباطنة والاستعداد للهرولة نحو الانتخابات بتكتيكات خالية من استراتيجيات ما أوقعته فيما يسمى بغلطة الشاطر والقى بنفسه بين مطرقة روسيا وسندان أوكرانيا .

نعم ارتكب حميدتي الخطأ الأكبر الذي لا يمكن أن يحدث من طفل يشاهد أخبار الأحداث بين روسيا وأوكرانيا ، بزيارته لموسكو في الليلة التي يتوقع فيها أن تهاجم روسيا أوكرانيا كما اشارت الولايات المتحدة في اكثر من منصة اعلامية ، ويدخل نفسه في صراع مع نفسه ، ويتعثر فيها، وصراع وأزمة تتسبب بألف أزمة جديدة للسودان ، غير مبال ، بجعله البلاد تحت عداوة حلف (الناتو والولايات المتحدة) ، التي لها بالفعل موقف من التيارات اليسارية في السودان ، ويبقى الشعب هو الوطني الوحيد في البلاد في المشهد المناضل من أجل الحرية ومواكبة العالم ، وهو يأن من وطأة الظلم ممن يصعد على أكتاف الفقراء ليحصل على ما يريد ، دون ادراك ان روسيا ليست موضع ثقة فالجميع يعرف الحيلة التي ولعبها (الاتحاد السوفيتي) ضد جمال عبد الناصر باتفاق قادته مع إسرائيل في حرب 1967 . حيث يقول جوزيف تي في كتابه “ابنة الزمان” “إن الحقيقة بالنسبة لأي شيء لا تكمن قطعا في كيفية سرد الإنسان لها، إنما تكمن في كل الحقائق الزمنية الصغيرة ” في هذا السياق يقول لطالما اعتبر التحذير الذي أرسله الاتحاد السوفيتي لمصر حول وجود تعزيزات عسكرية إسرائيلية، على الحدود السورية في مايو من عام 1967 خطأ فاضحا، تسبب في حرب لم يكن الإتحاد السوفيتي يرغب فيها أو يتوقعها.

هناك ثمة أدلة جديدة موجودة في وثائق سوفيتية، وأخرى تابعة لحلف وارسو ومن شخصيات معاصرة تفند هذه النظرية السائدة، تبين هنا أن هذا التحذير كان بمثابة تضليل متعمد كجزء من خطة صودق عليها على أعلى المستويات في القيادة السوفيتية، بهدف دفع مصر إلى ارتكاب فعل يؤدي بإسرائيل إلى توجيه ضربة لها،كان التدخل العسكري السوفيتي ضد المعتدي مخططاً لأن يلي الهجوم ومعدا له سلفا فهل يدرك ذلك السيد دقلو ومستشاريه ذلك ؟ واقع مرير يعيشه الشعب السوداني ،الاحتلال السافر والخفي ، ارهاب عسكري وسياسي , استبداد وتعنت بالقرار من قبل الجميع ، تخاذل وانقسام موتور ، وعدم تحمل المسؤولية من قبل المؤسسة الدستورية والتشريعية فشل يتولد منه فشل يترعرع في حضن فشل ،كل هذا واكثر يعيشه المواطن السوداني ويمر به كل يوم، ومع هذا لا يوجد بصيص امل في الافق أو انه قتل في مهده ذلك الأمل بمثل هذا التخبط ،حتى الوعود التي كان الشعب يسمعها كل صباح ومساء من قبل القادة والزعماء العسكريين والسياسيين تبدد ناهيك عن تعليق أخطأ تاريخنا واخفاقات اجدادنا على شماعة فطاحل دول الجوار الذين ليس لديهم شغل الا التدخل في حياة المواطن السوداني حسب نظرية المؤامرة التي نعتنقها جميعنا فهم من يرسم الخارطة السياسية السودانية الحديثة ولا كأن هذا البلد عمقه التاريخي أقدم من تاريخ تلك البلدان جميعا المجاورة منها والعالمية. مع كل هذه الفوضى استطاع المواطن السوداني صانع الثورة ان يصمد ويستمر بالحياة والمطالبة بحقه بل زاد في ذلك وقدم الغالي والنفيس من أرواح الشباب الذين تصدوا العنف المتعمد من القادة الانانية و كل ذلك من اجل أن يحمي السودان من شر الإرهابيين الجدد الذين يجلسون على سدة السلطة ، وبسطوة احتلال قوات ما تسمي بالدعم السريع من ذي قبل ، وكل هذا كان على علم ومسمع المرجعية السياسية والعسكرية الذين ساهموا بلا استثناء من تمكين قوات الدعم السريع و محمد حمدان دقلو منذ حثهم له على المشاركة في حكم البلاد ، فينشغل بزيادة وزنه ومكانته المصنوعة من قبلهم وحضوره بمثل هكذا طرح ويشتت الامة ويشغلها عن امورها الرئيسية في محاربة الفساد والمفسدين وبل وبالنيل من التحركات الثورية والشعبية والمظاهرات التي لا تزال تخرج ضد كل المتسلطين ،نحن ننتظر مرجعية قوات الشعب المسلحة الحقيقية للنهوض من سباتها لإخراج هذا الشعب من أيدي الإقطاعيين الجدد ، ورجال السلطة ، ومفسدين الراهن ، ومن يقف وراءهم بعد ان فقد الشعب الثقة في السياسيين والإقطاعيين القدامى والنخب الأنانية الفاشلة . ألم يحن الوقت لرفض استمرار هذا الصمت في الساحة العسكرية لمن يرتبك ويرتكب التخبط إلى حد إدخال البلاد في دوامة وفتنة وعزلة جديدة ،السودان بحاجة لزعيم حقيقي( يمسك بيده إلى بر الأمان) ، فالوطن بحاجة لمن يكرس فيه العدالة والتقوى والتفاني والإخلاص ومحاربة الفساد ، حتى لو أنهت تلك المحاولة حياته ، نأمل ان يخرج هذا “الكوماندوز” الذي يعرف معني تقدير الموقف في لغة القادة العسكريين ،للشعب حتى موعد الانتخابات عندما تكون صناديق الاقتراع هي الفصيل، في ذلك الحين ، تكون الأمور مختلفة ، و خطوة الشاطر تحمل مفاجآت كثيرة ، وقد ينطبق عليه المثل القائل (ضربة معلم) فهل من معلم في الافق؟ .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. في اعتقادي ان دقلوا شرب المغلب اي السم الذي دس له ..بوجود خلاف بين دقلو والبرهان واتهام البرهان لدقلوا بتدبير انقلاب سهل له السفر اروسيا ودن علم وفي ظنه فلاحة حتي يظهر البرهان للاخرين بانه هو مع الاحلاف التي وقفت مع السودان وبان حميدتي يلعب علي الحبلين حتي ينكشف للاحلاف بان حميدتي هو العقبة وليس الجيش وهنا يسهل التخلص من دقلو اي حميدتي لان وجود حميدتي في الساحة العسكريةيعتبر معطلة واخانة للجيش لانه لم بتعلم من كلية حربية ولم باخذ العسكرية من صفوفها بل صنعه المؤتمر الوطني ولما استد ساعده رماهم وفي الساحة السياسية يعتبر مراهق اي صبي سياسة لم يبلق الحلم السياسي بعد ..والتخلص من حميدتي من داخل السودان او من قبل الجيش يعتبر امرا مستحيلا لان حميدتي بمتلك قوة مشاه كبيرة وان الجيش يمتلك الطيران والدبابات وكليهن لا بمكنه ضرب قوة حميدتي التي اذاما قدر الله حصل بينهم قتال فسيحتمون بالمدن ويكون الجيش عاجز واكبر خطا ارتكبه البشير صناعة الدعم السريع والذي اصبح قوة لا هي عسكرية صرف ولا هي مليشا واضحة
    الهادي ادم بريمة ..الانتباهة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى