منوعات

زعيمة سودانية في حزب العمال البريطاني

د. اسامة احمد المصطفي – واشنطن

. ينجح السودانيون في السلك السياسي البريطاني.

. ثلاثة مفوضين منتخبين يمثلون الجماهير سودانيون.

. أول كنداكا منتخبة في لندن ، قصة ملهمة ذات قيم ممتدة 

. منى آدم أول من تحدثت في وسائل الإعلام عن ملف دارفور.

تلعب درجة الوعي والوضع الثقافي والتواصل الممتد بين الفرد والمجتمعات الأخرى، دوراً رئيسياً في التأهيل لاتخاذ القرارات، فيما يتعلق بالقيم التي يجب أن يُلْتزم بها، والقناعات التي يجب أن يتخلى عنها، باعتبار أن الثقافة الهادفة والانفتاح الموازي يعملان على تطوير الذات وتعريف الفرد بكيفية التعامل مع الآخرين، وهي أفضل طريقة لفهم الأشياء والوصول إلى النضج في التفاعل البشري ، هذا ما اتخذته  المستشارة المفوضة للجماهير عن حزب العمال السودانية منى عبد الله اسحاق ادم .

الفتاة الرائدة التي التقيتها و توقعت في عام 2003 أنها ستحظى باهتمام كبير في المستقبل ، بسبب الروح القيادية التي تتمتع بها ، وقد تحقق ذلك عندما تم انتخابها مستشارة مفوضة للجماهير في لندن عن حزب العمال ، حيث تعد الأسئلة الأخلاقية مركزية في العلاقات الإنسانية والدولية في إطار المعتقدات والمتغيرات، وتعتبر مجالاً للفكرة عندما يحين وقتها، والحلم لأجل المستقبل، فيما تشير الحكمة التقليدية إلى الأخلاق الهامشية، فلا شك أن هناك بعض القناعات التي تُسبب مشاكل دائمة وشعوراً بالقلق والألم، تجعل حياة الناس أكثر صعوبة، خاصة إذا تأكد من أنها خاطئة ، ولا بد من تجاوزها او الخروج منها هل فعلت ذلك مني  وحققت المطلوب لنرى ؟

منى آدم

منى عبد الله إسحاق قصة نجاح بدأت برفض الواقع ، وقررت الخروج منه بأي شكل من الأشكال ، والصدفة لعبت دورًا في أن أكون أول من تلجأ إليه في هذه الخطوة الجريئة بعد أن تعرفت علي ، من خلال زميل لي كان مسؤولاً عن مكتب قناة (ام بي سي والعربية)  بالرياض، يدعى عبد الوهاب وهو ايضا من السودان، في ذلك الوقت كنت اشغل منصب كبير منتجين بمجموعة (ام بي سي ، وقناة العربية) ، اتصلت بي مني  من المملكة العربية السعودية، قدمت نفسها لي وأخبرتني أنها قررت مغادرة المملكة العربية السعودية على الفور ، ووجهتها ستكون دبي ، وبعد ذلك ستقرر ما ستفعله  كان ذلك في عام   2003ثم جاء وسؤالها لي: هل سترحب بي على قناة فقلت لها ما بوسعي سأقدمه ” مع دهشتي لهذه النبرة القيادية التي شعرت بها في صوتها وهذا القرار القوي بترك كل ما لديها هناك ، على الرغم من أنها كانت تشغل منصب مدير قسم المرأة في المجلس الثقافي البريطاني بالرياض ، كما أنها كانت اختصاصية اجتماعية في مستشفى المانع في السعودية بالإضافة إلى العديد من المناصب الأخرى التي شغلت هناك .

قررت ترك كل ذلك لأنها بحاجة إلى تغييره لتعيش في استقرار وسلام. نعلم أن الإنسان يمر بالعديد من المتغيرات التي تؤثر على اختياراته وقناعاته، وقد تجبره الظروف على تبني قناعات جديدة لم يقبلها في الماضي ، وهذا أمر طبيعي للأشخاص الذين يتأقلمون مع تقلب الحياة بوعي ، مدركين أن هناك فرقًا كبيرًا بين القناعات والثوابت لا يمكن التنازل عنه. 

بالنسبة لمنى كان اعتقادها بان تغيير القناعات مقبول، بل مطلوب في كثير من الحالات، أما القيم فهي القانون الصارم الذي لا يتغير بسهولة، حيث يمكن للإنسان أن يغير قناعاته حسب التغيرات التي يتعرض لها في حياته، كإحدى آليات التعايش والتكيف مع البيئة الاجتماعية، فمن التجارب الإيجابية والسلبية يتعلم ما يدفعه إلى مراجعة نفسه، وفهم الفرق بين المرونة والتسوية.

بهذا الفكر  جاءت مني  إلى دبي والتقينا ، ومنذ مقابلتي الأولى معها اكتشفت أن أمامي قائدة قوية حقًا ، وقلت لها بصراحة في ذلك الوقت ، أنت قائدة وسيكون لك منصب عظيم في المستقبل في خدمة الإنسانية ، إن الإنسان الذي يقيّم نفسه بإيجابية هو المتعاون المعطاء بالدرجة الأولى وهو المحب بشكل عام ، وخصوصيته في الحب تكون عميقة ،بدرجات قدرته على نكران الذات وهي بالتأكيد تعود إلى الحاضنة الاجتماعية الأولى التي تربى فيها، والتي غالباً ما يكون تأثيرها قاطعاً بالنسبة لتكوين شخصية الفرد، حيث يمكنها صناعة إنسان متعاون مسامح محب ، فقد اعتنقت مني كل هذه القيم التي أدت بها لاحقا  إلى الاندماج في  مجتمعها الجديد في بريطانيا.

مني عبدالله اسحاق

 ثلاثة مفوضين منتخبين يمثلون الجماهير سودانيون  

أما بالنسبة لقصة انتقالها من دبي إلى لندن ، فهناك العديد من المفارقات والأدوار التي لعبتها الظروف بالإضافة إلى الخطوة الذكية وخريطة الطريق الذهنية التي اتسمت بها مني  شجاعة قلب لا مثيل لها لبريطانيا ، وصلت إلى مطار لندن كما تم الاتفاق عليها ونفذت الخطة كما هي كاملة وبدقة أكبر مما كان متوقعا ودخلت لندن حيث استقبلتها صديقة لنا هي  ليلي إبراهيم، ثم بدأت رحلتها في مقرها الجديد في لندن. مدركة  إن بناء النفس رحلة طويلة وإن أراد  الشخص أن ينجز هذه الرحلة بنجاح فعليه أن يستمر متجهاً نحو بناء سليم للقيم والفكر ومنظومة المحبة والاستعداد الدائم لتقدير الذات من أجل تقديم الأفضل في المسارات الانسانية وغيرها، وغالباً ما يعود هذا النوع من التقييم بسعادة غامرة على من يؤديها تجاه نفسه في المقام الاول وتجاه الآخرين في المقام الثاني ودون الحكم عليهم في أي اتجاه  وبذلك انطلقت مني  في أقل من ستة أشهر لتصبح عضو مجلس إدارة منظمة تشيلسي لأمراض الدم ثم انضمت إلى حزب العمل في كل من (تشيلسي وكنزكتون).

مني عبدالله اسحق

حيث يكون الإنسان أكثر فهماً لقيمته في بناء المجتمع وأكثر استعداداً للقيام بالتضحية من أجل الآخرين خاصة من يقعون في دائرة خصوصية مشاعر الحب التي تنتابه تجاههم، هذه هي المزايا التي يتحلى بها الفرد الناجح، إذ يتحلى أفراده بأكثر القيم إيجابية وهي الحب، هذا جزء من هذه الرحلة العميقة المليئة بالنجاحات.

 مني عبد الله إسحاق التي تم انتخابها ممثل حزب العمال في بلدية (تشيلسي وكنز تكون) في بريطانيا هي عضو نقابي فعال بدرجة ملفتة حتى لدى البريطانيين 

مثل كل من زميلها محمد فضل الله مستشار مندوب حزب العمل لجماهير أكسفورد ، ومحمد مكاوي مستشار حزب الخضر للجماهير في منطقة بريستول .

ملف قضية دارفور و منى عبد الله إسحاق 

لمن لا يعلم فيما يتعلق بملف قضية دارفور ، مني عبد الله إسحاق  التي كانت تلقب

 ( مني ادم) فهي أول من أعلن في وسائل الإعلام ملف قضية دارفور رسميًا عبر قناة العربية من لندن عندما كنت أعمل (منتج رئيسي في مجموعة  والعربية) ، حيث كانت على دراية بكافة تفاصيل قضية دارفور، وعملت بمثابة مراسلة قضية دارفور ، وربما لأول مرة اذكر قصة النشاط الإعلامي لقضية دارفور الذي انطلق من منزلي في الشارقة في العام ٢٠٠٣ بزيارة جمعت مجموعة من الاصدقاء في مناسبة منهم للحق الأخ عبد الله جمعة وهو رجل أعمال من دارفور والمهندس  يوسف أبوبكر ايضا من دارفور، وكان ضمنهم خال والدتي الراحل المقيم الأستاذ إبراهيم ويونس وهو كان رئيس الحركة الشعبية في الخليج ، وقتها كانت الأستاذة منى أصبحت في لندن ، دار الحوار حول كيف يمكن نشر ما يحدث في دارفور عبر الإعلام ، اخبرتهم بوجود منى في لندن فأجمع الكل على ان تفعل دورها وهذا ما حدث وقتها لم يظهر أي من كل الذين الآن في السطح على الشاشة مع بعض المشكلات التي واجهتها منى من بعض منهم ، المجال لا يسمح بالحديث عنها ولكن سيأتي  وقته .

نموذجا الإيثار ونكران الذات و قيادية.

فحقيقة الاحترام والتقدير والإيثار الذي تنبع من النفس  وهي في الواقع محتوي الذي يعبئ  إطار الأستاذة منى عبد الله إسحاق  الداخلي والظاهري ، إذ إن الحياة لا تأتي كما نريد فالأشخاص الواثقون من ذواتهم تجدهم سريعين في الاندماج والانتماء في أي مكان كانوا، فلديهم الكفاءة ، والشعور بقيمتهم الذاتية وقدرتهم على مواجهة أي تحدٍ، وتجدهم يعبرون عن ذواتهم دون مواربة ودون انتظار مقابل لان بمجرد ان انتظر الشخص مقابل لحبه فقد الخصوصية الشعورية والحساسية المعنوية وتحول الامر إلى مادية وهي بالتأكيد تعكر مسار المحبة ، في هذا السياق عادةً ما يلجأ الشخص للبحث أكثر والسؤال والتمحيص، حتى تستكين نفسه للمفهوم الجديد ويقتنع به، كما تبقى القناعات والثوابت هي ما تحرك الأشخاص في هذه الحياة، فإن أحسن تكوينها واكتسابها كانت حياته ذات قيمة عالية، وإن أساء ذلك جلب لنفسه الويلات، وهناك الفئة الانتهازية التي تتنازل عن قيمها ومبادئها بسهولة، مقابل الحصول على منفعة أياً كان نوعها، ولكن كانت منى عبد الله إسحاق نموذجا الإيثار ونكران الذات.



ها أنا كنداكة سودانية في حزب العمال البريطاني.
البعض منا لديه رغبة عميقة في التعبير عن تعاطفه مع الآخر المختلف، لكن تأثير القناعات الخاطئة يشكل حجر عثرة أمام هذه الفكرة، والتي يمكن أن تتحول إلى قناعة راسخة خلال مراحل جديدة، حسب التقارب والتجارب التي يشعر بها الفرد وتمر في حياته الواقعية، وإحساسه المنطقي، وبطريقة تفكيره المقنعة بصحة هذا المسار تعكس هذه النظرة إلى العالم ،لكن خالفت منى عبد الله إسحاق كل هذه القواعد قائلة: “ها أنا زعيمة سودانية في حزب العمال البريطاني ، منتخبة ومعتمدة كمستشارة للجماهير البريطانية ، نحن فخورون بك  وبزميليك محمد فضل الله مستشار مندوب حزب العمل لجماهير أكسفورد ومحمد مكاوي مستشار حزب الخضر للجماهير في منطقة بريستول. أنتم  يا  منى عبد الله إسحاق  الآن النواة الحقيقية للمرحلة الجديدة للسودانيين في الشتات وأنتم قدوة للشباب والجيل الجديد من أبناء المهاجرين للانخراط في مجتمعات الشتات لتحقيق الاندماج والمشاركة، نأمل أن تنقلوا هذه التجربة الواعية إلى السياسيين السودانيين في الساحة المحلية، للخروج من الأسلوب القديم الذي كان يمارس حتى اليوم .

محمد مكاوي – حزب الخضر
اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى