سياسةملفات

جمهورية أبيي .. والانفصال من الجنوب والشمال

د. اسامة احمد المصطفي – واشنطن

*6 يونيو 2022 ابناء وبنات ابيي يعلنون العمل من اجل الاستقلال

  • بلغة الدينكا (ران تجيدام “بيو” اتجي ران تجيدام “ماج”)

قبل الخوض في تفاصيل ما يجري الان في منطقة أبيي ، استوقفني ما جاء في كتابي الدكتور فرنسيس دينج (أفريقيون وعالمان ) و(ديناميات تكوين الهُويَّة ) حيث يتنقل بنا في عالم الدينكا الواحد، المزدوج وعالم الأسطورة الأفريقيَّة وعالم الأديان السماويَّة الشرق أوسطيَّة، منطلقاً من مقولة أساسيَّة أخرى ترى أن السودان شماله وجنوبه يعرف هذا التنوع في التركيبة الاجتماعية والتراث الروحي مما يصله( فى جملته مركباً ثقافياً) بعالمي أفريقيا والعروبة في عمليَّة تفاعل لا تعرف هذه الثنائيَّة المتعسفة التي تعزل العرب عن الأفريقيين، بل أنه يكشف فى أكثر من موضع من الكتابين عن تنوع فى الروايات بين مجموعات اجتماعيَّة مختلفة داخل الدينكا نفسها مثيلاً للتنوع على المستوى السوداني ككل، بل أنه حين يغوص فى التاريخ فإنه يكتشف تلك التشابهات بين التراث الدينكاوي والتراث المصرى الفرعوني القديم، خاصة قبيلة (دينكا نقوك) التي تسكن منطقة ابيي التي تمر هذه الايام بمشهد سياسي جديد.

حيث تلوح في الأفق حركة انفصالية جديدة، يبدو أن قبيلة دينيكا نقوك وقبيلة المسيرية العربية متفقان على الانفصال عن دولتي جنوب السودان وشمال السودان ، فلم يعد الأمر مجرد نقاش عادي على منصات التواصل الاجتماعي (كلوب هاوس ) للمطالبة بولاية جمهورية أبيي أو دولة السودان الأوسط ، فهل هذا صحيح ؟ خاصة ان أبيي تعتبر الأغنى بالنفط والأبقار ، و إنها منطقة شراكة و تعايش سلمي بين قبيلة (دينكا نقوك) ،(قبيلة المسيرية) ، وقد أعلنت قبيلة المسيرية من قبل بصوت عالٍ أنها ستكون لها كلمة كبيرة إذا لم تستجب الخرطوم لمطالبهم في احدي المواقف الحادة سابقا ، في الحقيقة أتيحت لي الفرصة للاستماع إلى العديد من الحوارات الجادة على مواقع التواصل الاجتماعي و خاصة على (كلوب هاوس)

وقد أشار المتحدثون في معظم نقاشاتهم واحاديثهم بان ابناء وبنات ابيي قدموا الكثير من التضحيات لصالح جنوب السودان منذ حركة التمرد الأولى ( انجانيا ١ ) وحركة التمرد الثانية (انجانيا ٢) والحركة الشعبية ، كان ولا زال ابناء ابيي من(دينكا نقوك) يقدموا ما يمكنهم وهم (ليسوا جنوبيين وليسوا شماليين ) حسب ما يشيدون في حديثهم فهم يعيشون في وسط السودان وهم على توافق مع قبيلة المسيرية التي عاشوا الاف السنين معهم بافضل اساليب تعايش واقتسام المراعي بحكمة تحلوا بها ، خاصة في فترة الزعيم (دينق مجوك) و(الزعيم بابو نمر) الذين قدموا أفضل نموذج للعلاقات الإنسانية.

بينما هم الآن يواجهون اقصاء حسب ما يدعون وقتل من قبيلة (دينكا توج ) على الحدود وهي جارة لقبيلة (دينكا نقوك) التي تعيش في منطقة ابيي ، التي تتهم (قبيلة توج بإبادة جماعية لقبيلة نقوك) ،هذا بالإضافة إلى شكواهم من التجاهل الذي مورس على قادة الحركة الشعبية من ابناء أبي على سبيل المثال لم يمنح الزعيم (ادور لينو) جواز جنوب السودان حتى توفى وغادر الدنيا ، كما تم التعامل مع القيادات بوصفهم اجانب و شماليين ، يبدوا ان ثمة ما يدور تحت الافق و ربما ستحدث حرب ابادة لا تحمد عقباها في المنطقة الوسطي في السودان منطقة ابيي التي يصر ابناءها بان هذه أرضهم ولن يستسلموا ولن يغيروا رأيهم بأنهم سيطالبون بحقوقهم وحريتهم سيقاومون أي من يحاول ان يعتدي عليهم ان كان من الشمال او الجنوب .

فحسب المثل بلغة الدينكا ((ران تجيدام “بيو” اتجي ران تجيدام “ماج”)) اي ( من يحمل الماء ليس كمن يحمل النار) ولسان حالهم يقول على الجميع ان يعلم بان (دينكا نقوك) يحملون النار ، وقد ادركوا بان ثمة خيانة وقعت عليهم من كل من حكومة عمر البشير وحكومة سيلفا كبير ، كما يبدوا في خريطة ابيي التي تم تحديدها في لاهاي.

فمن خلال الانفتاح يتحقق النجاح كما نشهده في تحرك ابناء أبيي وهذه سمة من سمات الثقافة والحضارة التي هي ذروة الإنسانية وهكذا نجد أن الانفتاح يكرس الشفافية، ويشحذ إرادة الناس للصقل من خلال تزويدهم بحقائق الامور ، بمعلومات دقيقة تحفزهم على البحث والتفكير، للوصول إلى تقديراتهم وأحكامهم على الأحداث ، مع القدرة على التحليل للوصول الى اهدافهم ، ولكن اليس من باب اولي التميز ما بين الوطن الكبير وبين التشرذم والبحث عن نوافذ السلام والتعايش ، نعتقد ان على الجميع ان يترفع ويعمل بمنطق الوحدة والسلام.

عليه يجب ان يحدث تحرك سريع من كل من حكومة دولة جنوب السودان وحكومة شمال السودان لملمة اطراف الازمة حتى يتم استتباب الأمن والسلام لكي ينعم الاجيال بمستقبل النهضة والتعافي والنهضة في تلك المنطقة الحيوية.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى