بقلم / عبد الرحمن أحمد محمد. باحث في العلاقات الدولية والقرن الأفريقي.

يسود أفريقيا فقر الطاقة. ففي قارة يقطنها ما يربو على المليار شخص في 54 بلدًا، لا تصل الكهرباء إلى أكثر من نصفهم.
ويضفي النمو السكاني السريع عبئا إضافيًّا على خدمات الطاقة، إذ يقول البعض إن عدد سكان القارة سيتجاوز أربعة مليارات بحلول نهاية القرن.
يضاف إلى ذلك أن الحصول على الكهرباء محدود، وغير منتظم على حد سواء. فالمراكز الاقتصادية، مثل مصر، لديها تغطية شبه كاملة من الكهرباء، ولكنها لا تزال شحيحة في بلدان أفريقية كثيرة منها أثيوبيا وبينما تُعِدُّ القاهرة نفسها لتصير مركزا إقليميا لتصدير الكهرباء إلى أفريقيا وأوروبا، يواجهها مُنافس شرس في السوق الأفريقي المُتعطِّش للكهرباء، وكما هو مُتوقَّع فإن هذا المنافس ليس سوى إثيوبيا، وبواسطة مشروع سد النهضة نفسه الذي يستهدف توليد ستة آلاف ميجاوات من الطاقة الكهربائية سنويا.
وفي مواجهة فقر الطاقة المستشري، اهتمت الحكومة الأثيوبية بشكل متزايد على مصادر الطاقة المتجددة مثل بناء السدود ويمثل مشروع سد النهضة هدفا لهذه الرؤية.
وضعت إثيوبيا حجر أساس بناء “سد النهضة” عام 2011 ليكون أكبر مشروع قومي لإنتاج الكهرباء في أفريقيا بقدرة نحو 6450 ميجاوات. وسيُلبِّي ذلك احتياجاتها من الطاقة داخليا، بالإضافة إلى تحويلها إلى مركز إقليمي للطاقة النظيفة بهدف تصديرها لمنظمة “تجمع الطاقة في شرق أفريقيا” المكوَّن من سبع دول: مصر والسودان وإثيوبيا وكينيا ورواندا وبوروندي والكونغو. وتتمتَّع أديس أبابا بمزية وقوع 80% من منابع النيل فوق المرتفعات الإثيوبية لديها، إلى جانب وقوعها جغرافيًّا في قلب تلك المنطقة.
بهدف تحفيز التنمية وتحسين حياة الناس وسبل العيش. وحجر الزاوية في هذا التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة هو الطاقة الكهرومائية.

طبقا لبيانات رسمية، تبلغ الطاقة الكهرومائية الموجودة طبيعيا في إثيوبيا نحو 45 ألف ميجاوات، وهي قابلة للاستغلال عبر تنفيذ مشاريع عدة على أنهرها.
تُخطِّط إثيوبيا فعليا للاعتماد على صادراتها من الطاقة بوصفها مصدرا رئيسيا للدخل، وهي تُصدِّر حاليا 200 ميجاوات إلى السودان، ونحو 100 ميجاوات إلى جيبوتي مرشَّحة للزيادة إلى 400 ميجاوات، كما وقَّعت اتفاقا مع كينيا ورواندا أيضا لبدء تصدير 400 ميجاوات إلى كلٍّ منهما.
أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، ضمن أجواء احتفالية بدء توليد الطاقة الكهربائية من سد النهضة الكبير، مؤكدًا في خطابه أن بلاده تريد توفير الطاقة لـ60% من سكانها “الذين لم يروا مصباحًا كهربائيًّا قط”،وأضاف وكذلك لأمهاتنا اللواتي يحملن الحطب من أجل الحصول على الطاقة”
كما تسعى الحكومة الأثيوبية لتوفير الكهرباء من مصادر عدة منها مشروع كوربيتي للطاقة الحرارية الأرضية في إثيوبيا- ومشروع الطاقة الشمسية ومشروع انتاج الطاقة من النفايات كل ذلك يدل على عزم أثيوبيا لتكون مركز الطاقة في أفريقيا.