أسباب الصراع الحالي على السلطة في السودان
بقلم / عمر العاقب محمد إبراهيم
الباحث في الشأن السوداني والعلاقات الدولية.
من الذي اوصل الجنرالين الى مرحلة الصدام ؟
هل لصراع الاحزاب السياسية الداخلية على السلطة دور ؟
أم صراع المحاورالإقليمية والدولية الجيوسياسي والاستراتيجي كان له الدور الأكبر ؟
أعتقد أن ما حدث ويحدث حتى الآن مرتبطا ارتباطا وثيقا بالإجابة على الأسئلة أعلاه فإذا بدأنا في البحث عن المسببات التي اوصلت الجنرالين عبدالفتاح البرهان عبدالرحمن قائد الجيش السوداني ومحمد حمدان حميدتي قائد قوات الدعم السريع نجد أن السبب الرئيسي للصدام المفاجيء بين القوتين هو السلطة والذي كان ناتجا عن طموحمها الشخصي الذي تصادف مع طموحات وأطماع الأحزاب السياسية الواضحة في الوصول إلى السلطة بأي وسيلة حتى ولو بالتحالف مع الشيطان. سواء كانت هذه الأحزاب سياسية داعمة للسلطة المدنية وإبعاد العسكر (الاتفاق الاطاري) أو أحزاب سياسية داعمة للعسكر ومؤيده لتثبيت سلطة البرهان ورافضه للتوقيع على الاتفاق الاطاريء ومنها جزء من أحزاب النظام المخلوع.

الأولى وجدت فرصتها في استغلال حميدتي والثانية وجدت فرصتها في تأليب وتحريض البرهان على حميدتي ولأن الاتفاق الاطاري يخرجها من المعادلة السياسية و المشاركه في الحكم فكله صراع سلطوي من الجهتين وبالنظر إلى تفاصيل أهداف وطموحات الأحزاب السياسية نجد الاجابه على انها هي المسبب الأول للصراع الحالي .
أما فيما يتعلق بالسؤال حول ( هل لصراع المحاور الإقليمية والدولية الجيوسياسي والاستراتيجي الدورةالأكبر في هذا الصراع الحالي )
فان المحور الأول : هو الولايات المتحدة وبريطانيا ومعها الامارات العربية المتحدة ودول الترويكا وليبيا (حفتر) وكينيا التي انضمت مؤخرا لهذا المحور وقد ساهم الجنرال حميدتي في وصول رئيسها الحالي إلى السلطة الذي يعتبره صديقه المقرب
نجد أن لكل هذه الدول مصلحة خاصه بها ولكنها اتفقت إن مصالحها الجيوسياسية والاستراتيجية لا يمكن أن تتحقق إلا عن طريق حليف داخلي تتناسب طموحاته مع أهدافها فتناسبت أهدافها مع طموحات الأحزاب السياسية الساعية إلى سلطة مدنية .
اما المحور الثاني فيتكون من دول مثل مصر وروسيا وتشاد وربما تركيا
نجد أن دول هذا المحور تتناسب أهدافها ومصالحها مع الاحزاب والقوى السياسية الرافضة للحكم المدني الداعمة لوجود الجنرال البرهان في السلطة .
وايضا توجد دول محايده لم تتدخل في الصراع إلا سياسيا
ولكنها داعمة للاستقرار في السودان كإثيوبيا وقطر والمملكة العربية السعودية ودولة جنوب السودان وأغلب دول الاتحاد الأفريقي الذي يرأس دورته الحالية الجنرال عبدالفتاح البرهان .
وعندما فشلت دول المحور الأول التي ساهمت وبكل السبل المادية والسياسية في مساعدة الأحزاب السياسية المدنية لإزاحة العسكر نهائيا من الحكم عن طريق حكومة مدنية رئيس وزراءها عبدالله حمدوك المدعوم من المنظمات الغربية والإمارات الذي استقال من منصبه بعد قرارات ٢٥اكتوبر التصحيحية وبعد اخفاقها أيضأ في فرض توقيع الجيش على الاتفاق الاطاري فقدت هذه الدول الأمل في تحقيق مصالحها عن طريق الأحزاب المدنية التي تناقصت شعبيتها في الشارع السوداني تدريجيا .
لذلك وجدت هذه الدول فرصتها في استقطاب قائد الدعم السريع الجنرال محمد حمدان حميدتي وترجيح كفة الاحزاب المدنية للوصول إلى السلطة بالقوه بعد فشلها بالوسائل الأخرى وبذلك تكون قد ساهمت بنسبة كبيرة في الصدام الحالي بين القوتين الجيش السوداني والدعم السريع .
وربما يكون هدف الولايات المتحدة الاستراتيجي ومحورها جر واستغلال الجنرال حميدتي لهذا الصراع للانتهاء من امبراطوريتة اذا ما فشل في الوصول الى السلطة باعتباره داعما أساسيا لخزينة روسيا بالذهب عن طريق شركة فاغنر الروسية مما ساعدها في غزو جزء كبير من أوكرانيا وذلك لتجفيف موارد روسيا الخارجية .
اما المحور الثاني الذي يتكون من دول مثل مصر وروسيا وتشاد وبعض دول الاتحاد الافريقي الداعمة وربما تركيا
نجد أن دول هذا المحور تتناسب أهدافها ومصالحها مع مجموعة الاحزاب السياسية والحركات المسلحة الموقعة على اتفاق جوبا الداعمه لوجود الجنرال البرهان في السلطة .
فمثلا الناظر لخطابات الجنرال عبدالفتاح السيسي منذ فتره ليست بالقصيرة ملمحا ومحذرا فيها قائلا بأنه لن نسمح بوجود لأي مليشيات في المنطقة .
وأن وجود رئيس جهاز الأمن والمخابرات السوداني التابع لنظام المخلوع عمر البشير كان مساهما في كشف مخطط دول المحور الأول والقوى السياسية المدنية التي تحالفت مع الجنرال حميدتي لاستلام السلطة بالقوه من الجنرال البرهان الموالي لمصر والمدافع عن مخاوفها في المنطقة .
(ولايعرف سر دعم صلاح قوش لمصر والبرهان هل هو لاعتبارات وطنية ام لاعتبارات ثأر شخصية ضد حميدتي النازع لسلطته بالقوه أم لإعادة أحزاب النظام المخلوع ) .
اما روسيا فتبحث عن موطيء قدم لها في المنطقة محاولة التصديق لها بإنشاء قاعدة عسكرية على البحر الأحمر للحفاظ على وضع جيوسياسي واستراتيجي في القاره الإفريقية مما أدى إلى تنافس بين المحورين ومحاولة منع روسيا من تحقيق أهدافها .
أما تشاد فإن تدخل الجنرال حميدتي في شؤونها الداخلية وتحالفه مع حفتر ودعمهما لمحاولة انقلابية على رئيس المجلس العسكري التشادي محمد إدريس دبي أدى ذلك للتعاون مع البرهان و إلى المسارعة بإغلاق الحدود فور بدء الصراع لوقف تمدد وامداد قوات الدعم السريع .